شعرت بالحنين إلى الكتابة
دلفت إلى معتكفي
أشعلت شمعة
أسدلت ستار النافذة
من بين رفوف مكتبتي
بحثت عن دفاتري القديمة
وجدتني قد جمعتُها مع أوراقٍ متناثرة في رَباطٍ واحد
حللت وَثاقها
نثرت شيئاً منها وخبأت البقية ..
حاولت مراراً أن أعود إلى الكتابة
كم مرت بي من لحظات
كنت أحدِّثُ نفسي بأجمل الخواطر
أعبر عن لحظات لا تتكرر
أستشف كل ما يمر بي
اللحظات السعيدة
المؤلمة
العبرات
الأطلال
الخوف من المجهول
خيبات الأمل
أتلذذ بها كلها
حلوها ومرها
كنت أحيانا أنفرد
أحضر الكراس والقلم
ومن شدة تعبي
أنام قبل أن أخط جرةً بيدي
وأستيقظ لأقول لنفسي .. لا يهم
لقد فقدت قدرتي
ربما انتهى مالدي
ربما انتهت رغبتي
وأستدرك لأخبر نفسي بأني يجب أن أعود
لهوايتي القديمة
حتى جاء زمن السفر
كم أعشق طريق البر
فيه أمارس هوايتي
في الاختلاء بالمهاجرة
أحاورها
أناقشها
أعاتبها
أنصحها
وأحنو عليها
وأبكي من قسوتها عليها /// !
محطة -1-
القناة الأولى
في ليلةٍ ربيعيةٍ هادئة وحيث كنت أشاهد
برنامجًا على إحدى قنواتنا الوطنية
والذي تقدمه مذيعةٌ أربعينية وافدة
برفقة أحد شبابنا اليافعين
والذي يظهر أنه لم يتم عقده الثالث بعد،
فكرت لم لانزال ورغم كل ما وصلنا إليه من تقدم
وارتقاء ووعي فكري ثقافي حضاري ومادي
وما بين أيدينا
من طاقات بشرية وعقول خلاقة
وشخصياتٍ ناجحة
ذات مواهب وملَكات يؤازرها أخلاق عالية ،
لم لا نزال نعتمد على استقدام
موارد بشرية من الخارج،
ونغفِلُاستغلال الطاقات المحلية،
ماهي العوامل التي يجب توافرها
لتكون الخريجة السعودية
كفؤاً لهذه المهنة هل هي الثقافة؟
أم الجمال أم قوة الشخصية
أم الإلمام بشؤون المجتمع عاداته وتقاليده
أفكاره ونظرته للأمور احتياجاته وهمومه؟
هل هذه العوامل كافية؟
هل يا تُرى يجب أن نغير نظرتنا
لعمل المرأة في الإعلام؟!
محطة -2-
الترتيب للسفر
انتهت السنة الدراسية وبعد عامٍ شاق
بكل مامر بي خلاله
من همومٍ وصراعات
انتهت بانتصار كلفني غاليا
كنت أهدئ من إلحاح الحنين لزيارة أمي
وبعد إنهاء الترتيبات اكتشفت أني سأسافر
وأترك بعضي يبكيني
ويكابر حتى آخرا للحظات
يدافع العبرات تخونه الكبرياء
وتسقط أغلى الدموع !!
محطة السفر -3 -
بيتزا..!
تأخرت رحلتي في إحدى المحطات
فقررت تناول العشاء في المطعم المجاور
والذي كان متخصصا في تقديم البيتزا
حاسبت الكاشير وسألته عن دورة المياه
لأغسل يدي اتباعاً لقواعد السلامة
وبعد أن خرجت مررت بذلك الكاشير
الذي خرج من وراء طاولته تلبية لطلب مديره
فأخبرني أن مديره يسأل عن اسم العطر
(واتز يور بيرفوم)
وكنت قد أدرت ظهري متوجهة لطاولة الطعام
فاستدرت غاضبة وغير مستغربة ذلك التطفل الثقيل
_وكنت لا أزال رافعةً يدي بعد تجفيفهما _
(ويتش بيرفوم ؟ اي هاف نو بيرفوم ! ذس از يور سوب)
وأغلقت الستارة وأنا أسمعه يخبره: (أور سوب)
كنت في حال لاتسمح بالجدال لكن ما زاد من دهشتي
هو أنني لا أضع عطراً في الأماكن العامة
والأمر الثاني أنني لم أمر بمدير ،
إنما فتح لنا باب المطعم موظف وافد مصري
يبدو أنه رئيس الطاقم ( أهلا وسهلا نورتونا )
فهل هو المدير المقصود .. ؟!
وأي قلة أدب وصل لها الوافدون
في السعودية؟!
يغازلون النساء ويتطاولون على المواطنين
يتمتعون بخيرات هذا الوطن
وينتهزون الفرص
بعلمنا وبدونه
ولا يتورعون عن لعن السعودية والسعوديين
ويقذفونهم بأبشع الأفعال وأسوأ النعوت.
محطة -4 -
ممطر الخليدي !!
وصلت قبل موعد الرحلة بخمسٍ وأربعين دقيقة
حملت حقائبي توجهت لبوابة ساحة الحافلات
كان هناك ثلاثة موظفين شباب
وكبيرهم يجلس على كرسي
أشار الي أن الوقت مبكر وسألته هل سأعود بحقائبي؟
فأشار بيده الي أن ضعيها هنا بجانبي ،
وقد اعتلت وجهه الأسمر
الذي نحتت السنين آثارها عليه ابتسامة
كشفت عن تجاعيد جميلة حول عينيه،
وما ان وضعتها
حتى وقع بصري على أحد الموظفين الثلاثة
ولم أرفع بصري لوهلة
وكأنني أعرفه إنه وجه من الماضي القريب
إنه أحد العاملين في مؤسسة كنت أعمل فيها
وما لبثت أن سألته
_وأنا أحاسب نفسي هل تسرعت _
أنت كنت تعمل في؟ فأومأ برأسه نعم..
فاستطرد صاحب التجاعيد (لقد كشفتِ سره)
ثم ناوله أوراقي وقال بنبرة الجنوبي:
(هيا خلصهم دامك تعرفهم)
ونظر إلي بنظرة تشوبها ابتسامة لم أطمئن لها
قاطعته قائله ؛(كان زميلي في س س م )
فأردف قائلاً : (لم يخبرنا أنه كان يعمل هناك)
وتوجهت للمقاعد لأستريح أحضر الشاب الأوراق
واستغل انشغال رئيسه فسألني
كيف عرفتيني وأنا لم أعرفك؟
قلت: (لأني ألبس البرقع وأنت لا )، فضحك
وسألته مالذي جاء بك الى هنا ؟
وكان هذا الشاب وسيماً جداً
كان يتقن وضع ربطة العنق
ويتمشى بخيلاء
وكان بقية الموظفين يقولون لنا إن فلانًا (مغازلجي )
واليوم أراه وقد تغير حاله وهندامه
وحين اقترب لاحظت أن إحدى عينيه الجميلتين
قد تغير لونها إلى رمادي
ومع ذلك لم يؤثر ذلك في جاذبيته
لم أرد أن أجرح شعوره
توجهنا للحافلة جلسنا في المقدمة
و وصى السائق علينا
عاد مراراً ليتأكد من صحة أوراق الركاب
أخبر السائق الفلبيني أن هذه أختي ( تيك كير )
طال الإنتظار أتى ليسأل إن كنت أحتاج لشيئ
فسألته:( ماذا حل بعينك؟ )،
نظر بحدة وارتسمت على شفتيه
نصف ابتسامة مبطنة بحزن وحسرة
فقال وهو ينظر للتذكرة (حادث )! ..
قلت الحمدلله على سلامتك
أخبرني أنه سيخضع لعملية في دولة مجاورة
ثم تمنيت له التوفيق
فنزل يساعد أحد المسافرين في حمل حقيبته
التي خُيِّل إلي من كبر حجمها
وطريقة سحبه لها أنه قد حمَّلها بأثقال الحديد
ثم عاد حبل أفكاري والتحم من جديد
ليواصل تأمل حال (ممطر الخليدي)
فكرت هل عوقب هذا الوسيم
الذي عرف بملاحقة الفتيات
بحرمانه من عينه حبيبته
أم أنه مجرد قضاء وقدر؟
سبحان الله !!
محطة -5 -
لكنة رويليات السعيرة
نزلت في محطة النعيرية توجهت للبقالة
صعدت فوجدت راكبتين مع أطفالهن
بمجرد أن جلست ثم انطلقت بنا الحافلة
وبدأت بينهما الأحاديث الجانبية
حاولت أن لا أنصت،
لكنهما كانتا قريبتان جداً خلفي
لم أكن أستمع لمضمون الأحاديث
لكني شعرت أن تلك اللكنة البدوية
تعيدني إلى الماضي
لم أكترث لحكاية فلان أكل ميراث فلانة
ولا لطريقة (المكرونيابالدجاج);-)
كل ما همني هو إشباع نهم أذني
لسماع تلك النبرة الشمالية الغربية ..
محطة -6 -
موجٌ متلاطم
عم الهدوء وبدأ الملل والنعاس والتعب
يختلطون في توليفة واحدة
الظلام دامس صوت يأتي من الخلف
( ارفع الشمسية نبي نشوف الطريق )
لا ألومه فأنا أجلس في المقاعد الأمامية
وشعرت بالملل
تكرر النداء
السائق الفلبيني لا يكترث ولا يرد
يا ترى مالسبب؟!
صمتنا
بعد برهة من الوقت
نداءٌ آخر
مسافرٌ نائم
أين نحن الآن؟
كنا في خضم موج من الظلام
لا جواب
السائق لا يجيب
بدأ وجومه يستفز الركاب
كنت قد تعرفت على الراكبتين خلفي
شعرت برغبة في الاستفسار
سألته : ماهي المحطة المقبلة ؟
لأنني قريبه سمعني مرافقه
التفت الي
قلت ماهذه المحطة ؟
صمت
فكررت السؤال :
نو ارابيك ؟
فاجاب
وي ار نيو .. جست تو مانثس !
توقفنا في محطة رفحاء
تناولنا الافطار
عدنا للحافلة
انتظرنا مطولاً
سألته لم الانتظار ؟ لم يتبق أحد ؟
هز رأسه وأشار للسائق
وبعد ربع ساعة من التأخير
عن الزمن المحدد للتوقف في المحطة
صعد الى الحافلة أحد موظفي المحطة
ليستفسر عن كشف الركاب
سألته لم هذا التأخير ؟
.. ابتسم العنزي _حسب بطاقته_
وهو يقرأ تذكرتي وقال :
التأخير من السائقين لأنهما جديدين ..
ويفترض ان يعاقب على التأخير إن بلغ ربع ساعة
واصلنا المسير..
أخرجت التذكرة المستعملة
كتبت على ظهرها
بضع مصطلحات يحتاجها السائق
بأحرف إنجليزية
طريق محطة كشف مسافرين صلاة أكل ماء
ناولت المرافق الورقة
ابتسم وشكرني جزيلا
..
ولي عودة لمزيد من المحطات ..
جيتك مثل طير جريــح ريشـه تبــلل و انثنى
ان جيت ابهرب منك أطيح وان عدت لك ذقت العنا !